سورة الفتح تفسير السعدي الآية 12

بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن یَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰۤ أَهۡلِیهِمۡ أَبَدࣰا وَزُیِّنَ ذَ ٰ⁠لِكَ فِی قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورࣰا ﴿١٢﴾

تفسير السعدي سورة الفتح

يذمُّ تعالى المتخلِّفين عن رسول الله في الجهاد في سبيله من الأعراب، الذين ضَعُفَ إيمانُهم وكان في قلوبهم مرضٌ وسوء ظنٍّ بالله تعالى، وأنهم سيعتذرون؛ بأنَّ أموالهم وأهليهم شغلتهم عن الخروج في سبيله، وأنَّهم طلبوا من رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفرَ لهم؛ قال الله تعالى: {يقولون بألسنَتِهِم ما ليس في قُلوبِهِم}: فإنَّ طلَبَهم الاستغفارَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدلُّ على ندمهم وإقرارهم على أنفسهم بالذَّنب، وأنَّهم تخلَّفوا تخلُّفاً يحتاجُ إلى توبة واستغفار؛ فلو كان هذا الذي في قلوبهم؛ لكان استغفارُ الرسول نافعاً لهم؛ لأنَّهم قد تابوا وأنابوا، ولكنَّ الذي في قلوبهم أنَّهم إنَّما تخلَّفوا لأنَّهم ظنُّوا بالله ظنَّ السَّوْء، فظنُّوا {أن لن يَنقَلِبَ الرسولُ والمؤمنون إلى أهليهم أبداً}؛ أي: أنَّهم سيُقتلون ويُستأصلون، ولم يزلْ هذا الظنُّ يُزَيَّن في قلوبهم، ويطمئنُّون إليه حتى استحكَمَ، وسببُ ذلك أمران: أحدُهما: أنَّهم كانوا {قوماً بوراً}؛ أي: هلكى لا خير فيهم؛ فلو كان فيهم خيرٌ؛ لم يكن هذا في قلوبهم. الثاني: ضَعْفُ إيمانهم ويقينهم بوعد الله ونصرِ دينِهِ وإعلاءِ كلمتِهِ، ولهذا قال: {ومن لم يؤمن بالله ورسولِهِ}؛ أي: فإنَّه كافرٌ مستحقٌّ للعقاب، {فإنَّا أعْتَدْنا للكافرين سعيراً}.