ثم ذكر تعالى الأمور المهيِّجة على قتال المشركين، وهي كفرُهم بالله ورسولِهِ، وصدُّهم رسولَ الله ومَنْ معه من المؤمنين أنْ يأتوا للبيت الحرام زائرين معظِّمين له بالحجِّ و
العمرة، وهم الذين أيضاً صدُّوا
{الهديَ معكوفاً}؛ أي: محبوساً،
{أن يبلغَ مَحِلَّه}: وهو مَحِلُّ ذبحِهِ في مكة ، حيث تذبح هدايا
العمرة، فمنعوه من الوصول إليه ظلماً وعدواناً. وكلُّ هذه أمورٌ موجبةٌ وداعيةٌ إلى قتالهم، ولكن ثمَّ مانعٌ، وهو وجودُ رجال ونساء من أهل الإيمان بين أظهر المشركين، وليسوا بمتميِّزين بمحلةٍ أو مكانٍ يمكن أن لا ينالَهم أذى؛ فلولا هؤلاء الرجال المؤمنون والنساء المؤمنات الذين لا يعلمهم المسلمون
{أن تطؤوهم}؛ أي: خشية أن تطؤوهم،
{فتصيبَكم منهم مَعَرَّةٌ بغير علم}: والمعرَّةُ ما يدخل تحت قتالهم من نيلِهِم بالأذى والمكروه، وفائدةٌ أخريَّةٌ، وهو أنه لِيُدْخِلَ
{في رحمته مَن يشاءُ}: فَيَمُنَّ عليهم بالإيمان بعد الكفر، وبالهدى بعد الضلال، فيمنعكم من قتالهم لهذا السبب،
{لو تَزَيَّلوا}؛ أي: لو زالوا من بين أظهرهم،
{لعذَّبْنا الذين كَفَروا منهم عذاباً أليماً}: بأن نبيحَ لكم قتالَهم، ونأذنَ فيه، وننصرَكم عليهم.