يخبر تعالى عن منَّته على المؤمنين بإنزال السكينة في قلوبهم، وهي السكونُ والطمأنينةُ والثباتُ عند نزول المحنِ المقلقةِ والأمور الصعبة التي تشوِّشُ القلوبَ وتزعجُ الألباب وتضعِفُ النفوس؛ فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال أن يثبِّتَه ويربطَ على قلبه، وينزِلَ عليه السكينةَ، ليتلقَّى هذه المشقَّاتِ بقلبٍ ثابتٍ ونفس مطمئنةٍ، فيستعدَّ بذلك لإقامة أمر الله في هذه الحال، فيزداد بذلك إيمانُه، ويتمَّ إيقانُه. فالصحابةُ رضي الله عنهم لمَّا جرى ما جرى بينَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والمشركين من تلك الشروطِ التي ظاهرُها أنَّها غضاضةٌ عليهم وحطٌّ من أقدارِهم، وتلك لا تكادُ تصبِرُ عليها النفوس، فلما صبروا عليها ووطَّنوا أنفسَهم لها؛ ازدادوا بذلك إيماناً مع إيمانهم. وقوله: {ولله جنودُ السمواتِ والأرضِ}؛ أي: جميعها في ملكه وتحت تدبيره وقهره؛ فلا يظنُّ المشركون أنَّ الله لا ينصُرُ دينَه ونبيَّه، ولكنَّه تعالى عليمٌ حكيمٌ، فتقتضي حكمته المداولةَ بين الناس في الأيام وتأخيرَ نصر المؤمنين إلى وقتٍ آخر.