هذا ذمٌّ للمشركين الذين شرعوا في الدين ما لم يأذنْ به الله وحرَّموا ما أحلَّه الله، فجعلوا بآرائهم الفاسدة شيئاً من مواشيهم محرَّماً على حسب اصطلاحاتهم التي عارضت ما أنزل الله، فقال: {ما جَعَلَ الله مِن بَحيرةٍ}: وهي ناقةٌ يشقُّون أذُنها ثم يحرِّمون ركوبها ويرونها محترمة، {ولا سائبةٍ}: وهي ناقة أو بقرةٌ أو شاةٌ إذا بلغت شيئاً اصطلحوا عليه؛ سيَّبوها فلا تُركب ولا يُحمل عليها ولا تُؤكل، وبعضهم ينذرُ شيئاً من ماله يجعلُه سائبةً، {ولا حام}؛ أي: جمل يُحمى ظهره عن الرُّكوب والحمل إذا وصل إلى حالة معروفة بينهم؛ فكلُّ هذه مما جعلها المشركون محرَّمةً بغير دليل ولا بُرهان، وإنَّما ذلك افتراءٌ على الله وصادرةٌ من جهلهم وعدم عقلهم. ولهذا قال: {ولكن الذين كفروا يفترونَ على الله الكذبَ وأكثرُهم لا يعقلونَ}: فلا نَقْلَ فيها ولا عَقْل.