يذكِّر تعالى عباده المؤمنين بنعمه العظيمة، ويحثُّهم على تذكُّرها بالقلب واللسان، وأنَّهم كما أنَّهم يعدُّون قتلهم لأعدائهم وأخذ أموالهم وبلادهم وسبيهم نعمةً؛ فليعدُّوا أيضاً إنعامه عليهم بكفِّ أيديهم عنهم وردِّ كيدهم في نحورهم نعمةً؛ فإنَّهم الأعداء قد هَمُّوا بأمر، وظنُّوا أنهم قادرون عليه؛ فإذا لم يدركوا بالمؤمنين مقصودهم فهو نصرٌ من الله لعباده المؤمنين؛ ينبغي لهم أن يشكروا الله على ذلك ويعبدوه ويذكروه، وهذا يشمل كلَّ من همَّ بالمؤمنين بشرٍّ من كافر ومنافق وباغٍ، كفَّ الله شرَّه عن المسلمين؛ فإنه داخل في هذه الآية. ثم أمرهم بما يستعينون به على الانتصار على عدوِّهم وعلى جميع أمورهم، فقال: {وعلى الله فليتوكَّل المؤمنون}؛ أي: يعتمدوا عليه في جلب مصالحهم الدينيَّة والدنيويَّة، ويتبرؤوا من حولهم وقوَّتهم، ويثقوا بالله تعالى في حصول ما يحبُّون، وعلى حسب إيمانِ العبد يكون توكُّله، وهو من واجبات القلب المتَّفق عليها.