يرشد تعالى عباده المؤمنين حين بيَّن لهم أحوال اليهود والنصارى وصفاتهم غير الحسنة أن لا يتَّخذوهم أولياء؛ فإنَّ بعضَهم {أولياء بعض}: يتناصرونَ فيما بينَهم، ويكونون يداً على مَن سواهم؛ فأنتم لا تتَّخذوهم أولياء؛ فإنهم الأعداء على الحقيقة، ولا يبالون بضرِّكم، بل لا يدَّخرون من مجهودهم شيئاً على إضلالكم؛ فلا يتولاَّهم إلا من هو مثلهم. ولهذا قال: {ومن يتولَّهم منكم فإنَّه منهم}؛ لأنَّ التَّولِّي التامَّ يوجِب الانتقال إلى دينهم، والتولِّي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرَّج شيئاً فشيئاً، حتى يكون العبد منهم. {إنَّ الله لا يهدي القوم الظالمين}؛ أي: الذين وَصْفُهم الظُّلم، وإليه يُرجعون، وعليه يعوِّلون؛ فلو جئتَهم بكلِّ آية؛ ما تبعوك، ولا انقادوا لك.