ينهى عباده المؤمنين عن اتِّخاذ أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن سائر الكفار أولياء، يحبُّونهم ويتولَّوْنهم، ويُبدون لهم أسرار المؤمنين، ويعاوِنونهم على بعض أمورِهم التي تضرُّ الإسلام والمسلمين، وأن ما معهم من الإيمان يوجِبُ عليهم تَرْكَ موالاتهم، ويحثُّهم على معاداتهم، وكذلك التزامهم لتقوى الله التي هي امتثال أوامره واجتنابُ زواجرِهِ ممَّا تدعوهم إلى معاداتِهِم، وكذلك ما كان عليه المشركون والكفَّار المخالفون للمسلمين من قَدْحِهِم في دين المسلمين، واتِّخاذهم إيَّاه هُزواً ولعباً واحتقاره واستصغاره، خصوصاً الصلاة التي هي أظهر شعائر المسلمين وأجلُّ عباداتهم، إنهم إذا نادوا إليها؛ اتَّخذوها هُزُواً ولعباً، وذلك لعدم عقلهم ولجهلهم العظيم، وإلاَّ؛ فلو كان لهم عقول، لخضعوا لها، ولعلموا أنها أكبر من جميع الفضائل التي تتَّصف بها النفوس؛ فإذا علمتم أيُّها المؤمنون حال الكفار وشدَّة معاداتهم لكم ولدينكم؛ فمَنْ لم يعادِهم بعد هذا؛ دل على أن الإسلام عنده رخيصٌ، وأنه لا يبالي بمن قَدَحَ فيه أو قَدَحَ بالكفر والضلال، وأنه ليس عنده من المروءة والإنسانية شيءٌ؛ فكيف تدَّعي لنفسك ديناً قيماً وأنه الدين الحقُّ وما سواه باطل وترضى بموالاة من اتَّخذه هزواً ولعباً وسَخِرَ به وبأهله من أهل الجهل والحمق؟! وهذا فيه من التهييج على عداوتهم ما هو معلوم لكلِّ من له أدنى مفهوم.