يأمر تعالى عباده بذكر نعمه الدينيَّة والدنيويَّة بقلوبهم وألسنتهم؛ فإن في استدامة ذكرها داعياً لشكر الله تعالى ومحبَّته وامتلاء القلب من إحسانه، وفيه زوال للعُجب من النفس بالنِّعم الدينيَّة وزيادة لفضل الله وإحسانه {وميثاقه}؛ أي: واذكروا ميثاقه {الذي واثقكم به}؛ أي: عهده الذي أخذه عليكم، وليس المراد بذلك أنهم لَفَظوا ونَطَقوا بالعهد والميثاق، وإنَّما المراد بذلك أنَّهم بإيمانهم بالله ورسوله قد التزموا طاعتهما، ولهذا قال: {إذ قُلْتُم سمعنا وأطعنا}؛ أي: سمعنا ما دعوتنا به من آياتك القرآنيَّة والكونيَّة سَمْعَ فَهْم وإذعانٍ وانقيادٍ، وأطعنا ما أمرتنا به بالامتثال وما نهيتنا عنه بالاجتناب، وهذا شاملٌ لجميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة، وأنَّ المؤمنين يذكرونَ في ذلك عهد الله وميثاقَهُ عليهم وتكون منهم على بال، ويحرصون على أداء ما أمروا به كاملاً غير ناقص، {واتَّقوا الله}: في جميع أحوالكم، {إنَّ الله عليمٌ بذات الصُّدور}؛ أي: ما تنطوي عليه من الأفكار والأسرار والخواطر؛ فاحذروا أن يطَّلع من قلوبكم على أمر لا يرضاه أو يصدر منكم ما يكرهه، واعْمُروا قلوبكم بمعرفتِهِ ومحبَّتِهِ والنصح لعباده؛ فإنَّكم إن كنتم كذلك غفر لكم السيئات، وضاعَفَ لكم الحسناتِ لعلمه بصلاح قلوبكم.