يقول تعالى في بيان أقرب الطائفتين إلى المسلمين وإلى ولايتهم ومحبَّتهم وأبعدهم من ذلك: {لتجدنَّ أشدَّ الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا}: فهؤلاء الطائفتان على الإطلاق أعظم الناس معاداةً للإسلام والمسلمين وأكثرهم سعياً في إيصال الضَّرر إليهم، وذلك لشدة بغضهم لهم بغياً وحسداً وعناداً وكفراً. {ولتجدنَّ أقربهم مودَّة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى}: وذكر تعالى لذلك عدة أسباب: منها: أنَّ فيهم {قِسِّيسين ورُهباناً}؛ أي: علماء متزهِّدين وعباداً في الصوامع متعبِّدين، والعلم مع الزُّهد وكذلك العبادة مما يلطف القلب، ويرقِّقه، ويُزيل عنه ما فيه من الجفاء والغِلظة؛ فلذلك لا يوجد فيهم غلظة اليهود وشدة المشركين. ومنها: {أنهم لا يستكبرون}؛ أي: ليس فيهم تكبُّرٌ ولا عتوٌّ عن الانقياد للحقِّ، وذلك موجبٌ لقربهم من المسلمين ومن محبَّتهم؛ فإنَّ المتواضع أقرب إلى الخير من المستكبر.