يخبر تعالى أنه جعل
{الكعبةَ البيتَ الحرامَ قِياماً للناس}: يقوم بالقيام بتعظيمِهِ دينهم ودُنياهم؛ فبذلك يتمُّ إسلامهم، وبه تحطُّ أوزارهم، وتحصُل لهم بقصدِهِ العطايا الجزيلة والإحسان الكثير، وبسببه تُنفق الأموال وتُقتحم من أجله الأهوال، ويجتمع فيه من كل فجٍّ عميق جميع أجناس المسلمين، فيتعارفونَ، ويستعين بعضهم ببعض، ويتشاورون على المصالح العامة، وتنعقد بينهم الروابط في مصالحهم الدينيَّة والدنيويَّة؛ قال تعالى:
{لِيَشْهَدوا منافِعَ لهم ويَذْكُروا اسمَ الله على ما رَزَقَهُم من بهيمةِ الأنعام}: ومن أجل كون البيتِ قياماً للنَّاس قال من قال من العلماء: إن حجَّ بيت الله فرضُ كفايةٍ في كلِّ سنة؛ فلو ترك الناس حَجَّهُ؛ لأثم كلُّ قادرٍ، بل لو ترك الناسُ حَجَّه؛ لزال ما به قِوامهم وقامت القيامة. وقوله:
{والهديَ والقلائدَ}؛ أي: وكذلك جعل الهَدْيَ والقلائدَ التي هي أشرف أنواع الهَدْي قياماً للناس ينتفِعون بهما، ويُثابون عليهما.
{ذلك لتعلموا أنَّ الله يَعْلَمُ ما في السمواتِ وما في الأرض وأنَّ الله بكلِّ شيءٍ عليم}: فمن علمِهِ أن جَعَلَ لكم هذا البيت الحرام لما يَعْلمُهُ من مصالحكم الدينيَّة والدنيويَّة.