واذكر حين قال الله مخاطبًا عيسى -عليه السلام-: يا عيسى بن مريم، اذكر نعمتي عليك حين خلقتك من غير أب، واذكر نعمتي على أمك مريم -عليها السلام- حين اصطفيتها على نساء زمانها، واذكر مما أنعمت به عليك حين قَوَّيتك بجبريل -عليه السلام-، تُكلِّم الناس -وأنت رضيع- بدعوتهم إلى الله، وتكلمهم في كهولتك بما أرسلتك به إليهم، ومما أنعمت به عليك أن علمتك الخط، وعلمتك التوراة التي أنزلت على موسى -عليه السلام-، والإنجيل الذي أنزل عليك، وعلمتك أسرار الشرع وفوائده وحِكَمه، ومما أنعمت به عليك أنك تصوّر من الطين مثل صورة طير، ثم تنفخ فيه فيكون طيرًا، وأنك تشفي مَن وُلدَ أعمى من عماه، وتشفي الأبرص، فيصير سليم الجلد، وتحي الموتى بدعائك الله أن يحييهم، كل ذلك بإذني، ومما أنعمت به عليك أن دفعت عنك بني إسرائيل لَما هَموا بقتلك حين جئتهم بالمعجزات الواضحة، فما كان منهم إلا أن كفروا بها، وقالوا: ما هذا الذي جاء به عيسى إلا سحر واضح.