هذا قسمٌ من الله الصادق قي قيله بهذه المخلوقات العظيمة، التي جعل اللهُ فيها من المصالح والمنافع ما جعل، على أنَّ وعدَه صدقٌ، وأنَّ الدين الذي هو يوم الجزاء والمحاسبة على الأعمال لواقعٌ لا محالةَ، ما له من دافع. فإذا أخبر به الصادقُ العظيم، وأقسم عليه، وأقام الأدلَّة والبراهين عليه؛ فلِمَ يكذِّب به المكذِّبون، ويعرِض عن العمل له العاملون؟! {والذَّارياتِ}: هي الرياح التي تذرو في هبوبها {ذرواً}: بلينها ولطفها وقوَّتها وإزعاجها، {فالحاملاتِ وِقراً}: هي السحاب، تحمل الماء الكثير، الذي ينفع الله به العباد والبلاد ، {فالجارياتِ يُسراً}: النجوم التي تجري على وجه اليُسر والسُّهولة، فتتزيَّن بها السماواتُ، ويُهتدَى بها في ظلمات البرِّ والبحر، ويُنْتَفَعُ بالاعتبار بها، والمقَسِّمات {أمراً}: الملائكة التي تقسِّم الأمر وتدبِّره بإذن الله؛ فكلٌّ منهم قد جعله الله على تدبير أمرٍ من أمور الدنيا والآخرة لا يتعدَّى ما حُدَّ له وقُدِّر ورُسِم ولا ينقص منه.