فلمَّا أتى موسى فرعون بذلك السلطان المبين؛ تولَّى فرعون {بركنِهِ}؛ أي: أعرض بجانبه عن الحقِّ، ولم يلتفتْ إليه، وقدحوا فيه أعظم القدح، فقالوا: {ساحرٌ أو مجنونٌ}؛ أي: إن موسى لا يخلوا إمَّا أن يكون ما أتى به سحراً وشعبذةً ليس من الحقِّ قي شيء، وإمَّا أن يكون مجنوناً لا يؤاخَذُ بما صدر منه لعدم عقله! هذا وقد علموا ـ خصوصاً فرعون ـ أنَّ موسى صادقٌ؛ كما قال تعالى: {وجَحَدوا بها واسْتَيْقَنَتْها أنفسُهم ظلماً وعلوًّا}، وقال موسى لفرعون: {لقد علمتَ ما أنزل هؤلاءِ إلاَّ ربُّ السمواتِ والأرض بصائرَ ... } الآية.