ولهذا قال: {إنَّ الله هو الرزَّاقُ}؛ أي: كثير الرزق، الذي ما من دابَّةٍ في الأرض ولا في السماء إلاَّ على الله رزقُها، ويعلمُ مستقرَّها ومستودَعَها، {ذو القوَّةِ المتينُ}؛ أي: الذي له القوة والقدرةُ كلُّها، الذي أوجد بها الأجرام العظيمة السفليَّة والعلويَّة، وبها تصرَّف في الظواهر والبواطن، ونفذت مشيئته في جميع البريَّات؛ فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا يعجِزُه هاربٌ، ولا يخرج عن سلطانه أحدٌ، ومن قوَّته أنه أوصل رزقه إلى جميع العالم، ومن قدرته وقوَّته أنه يبعث الأموات بعدما مزَّقهم البِلى، وعصفت بهم الرياحُ، وابتلعتْهم الطيور والسِّباع، وتفرَّقوا وتمزَّقوا في مهامه القفار ولُجج البحار؛ فلا يفوته منهم أحدٌ، ويعلم ما تَنْقُصُ الأرضُ منهم؛ فسبحان القويِّ المتين.