{أفسحرٌ هذا أم أنتم لا تُبصرونَ}: يُحتمل أنَّ الإشارة إلى النار والعذاب؛ كما تدلُّ عليه سياق الآيات ؛ أي: لما رأوا النار والعذاب؛ قيل لهم من باب التقريع: أهذا سحرٌ لا حقيقة له؛ فقد رأيتموه؟! أم أنتم في الدُّنيا لا تبصرون؛ أي: لا بصيرة لكم ولا علم عندَكم، بل كنتُم جاهلين بهذا الأمر، لم تقمْ عليكم الحجَّة؟! والجواب انتفاء الأمرين: أمَّا كونُه سحراً؛ فقد ظهر لهم أنَّه أحقُّ الحقِّ وأصدق الصدق المنافي للسحر من جميع الوجوه. وأمَّا كونُهم لا يبصرون؛ فإنَّ الأمر بخلاف ذلك، بل حجَّة الله قد قامت عليهم، ودعتهُمُ الرُّسل إلى الإيمان بذلك، وأقامت من الأدلَّة والبراهين على ذلك ما يجعله من أعظم الأمور المبرهَنَة الواضحة الجليَّة. ويُحتمل أنَّ الإشارة بقولِهِ: {أفسحرٌ هذا أم أنتُم لا تبصرونَ}: إلى ما جاء به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - من الحقِّ المبين والصراط المستقيم؛ أي: أفيتصوَّر مَن له عقلٌ أن يقولَ عنه: إنَّه سحرٌ، وهو أعظم الحقِّ وأجلُّه، ولكن لعدم بصيرتهم قالوا فيه ما قالوا.