وهذه نعمةٌ تدخل في الضروريَّات التي لا غنى للخلق عنها؛ فإنَّ الناس محتاجون إليها في كثيرٍ من أمورهم وحوائجهم، فقرَّرهم تعالى بالنار التي أوجدها في الأشجار، وأنَّ الخلق لا يقدرون أن ينشئوا شجرها، وإنَّما الله تعالى قد أنشأها من الشجر الأخضر؛ فإذا هي نارٌ توقد بقدر حاجة العباد؛ فإذا فرغوا من حاجتهم؛ أطفؤوها وأخمدوها. {نحن جَعَلْناها تذكرةً}: للعباد بنعمة ربِّهم، وتذكرةً بنار جهنَّم التي أعدَّها الله للعاصين، وجعلها سوطاً يسوقُ به عبادَه إلى دار النعيم، {ومتاعاً للمُقْوينِ}؛ أي المنتفعين أو المسافرين، وخصَّ الله المسافرين؛ لأنَّ نفع المسافر بها أعظم من غيره، ولعلَّ السبب في ذلك لأنَّ الدُّنيا كلَّها دارُ سفرٍ، والعبدُ من حين ولد فهو مسافرٌ إلى ربِّه؛ فهذه النار جعلها الله متاعاً للمسافرين في هذه الدار وتذكرةً لهم بدار القرار.