ذكر الله تعالى أحوال الطوائف الثلاث: المقرَّبين، وأصحاب اليمين، والمكذِّبين الضالِّين في أول السورةِ في دارِ القرارِ، ثم ذكر أحوالَهم في آخرها عند الاحتضارِ والموتِ، فقال: {فأمَّا إن كان من المقرَّبين}؛ أي: إن كان الميِّت من المقرَّبين إلى الله، المتقرِّبين إليه بأداء الواجبات والمستحبَّات وترك المحرَّمات والمكروهات وفضول المباحات، {فـ} لهم {روحٌ}؛ أي: راحةٌ وطمأنينةٌ وسرورٌ وبهجةٌ ونعيمُ القلب والروح، {ورَيْحانٌ}: وهو اسم جامعٌ لكل لذَّةٍ بدنيَّةٍ من أنواع المآكل والمشارب وغيرها، وقيل: الريحانُ هو الطيبُ المعروف، فيكون من باب التعبير بنوع الشيء عن جنسه العام، {وجنَّةُ نعيم}: جامعةٌ للأمرين كليهما، فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر، فيبشَّر المقرَّبون عند الاحتضار بهذه البشارة، التي تكاد تطير منها الأرواح فرحاً وسروراً ؛ كما قال تعالى: {إنَّ الذين قالوا ربُّنا الله ثم استقَاموا تَتَنَزَّلُ عليهم الملائكةُ أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبْشِروا بالجنَّةِ التي كُنتُمْ توعَدونَ. نحنُ أولياؤكم في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ ولكم فيها ما تَشْتَهي أنفسُكم ولكم فيها ما تدَّعونَ. نُزُلاً من غفورٍ رحيم}، وقد فُسِّرَ قولُه [تبارك و] تعالى: {لهم البُشرى في الحياة الدُّنيا وفي الآخرة}: أنَّ هذه البشارة المذكورة هي البُشرى في الحياة الدنيا.