النَّجْوى هي التناجي بين اثنين فأكثر، وقد تكون في الخير وتكونُ في الشرِّ، فأمر الله المؤمنين أنْ يَتَناجَوْا بالبرِّ، وهو اسمٌ جامعٌ لكلِّ خيرٍ وطاعةٍ وقيام بحقِّ الله وحقِّ عباده ، والتَّقوى، وهي هنا اسمٌ جامعٌ لترك جميع المحارم والمآثم؛ فالمؤمن يمتثل هذا الأمر الإلهيَّ؛ فلا تجده مناجياً ومتحدثاً إلاَّ بما يقرِّبه إلى الله ويباعده من سخطه، والفاجر يتهاونُ بأمر الله ويناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول؛ كالمنافقين الذين هذا دأبهم وحالهم مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {وإذا جاؤوك حَيَّوْكَ بما لمْ يُحَيِّكَ به الله}؛ أي: يسيئون الأدب في تحيَّتهم لك، {ويقولونَ في أنفُسِهم}؛ أي: يسرُّون فيها ما ذكره عالم الغيب والشهادة عنهم، وهو قولهم: {لولا يُعَذِّبنا الله بما نقولُ}: ومعنى ذلك أنَّهم يتهاونون بذلك، ويستدلُّون بعدم تعجيل العقوبة عليهم أنَّ ما يقولونه غيرُ محذورٍ، قال تعالى في بيان أنَّه يمهِلُ ولا يهمِلُ: {حَسْبُهُم جهنَّمُ يَصْلَوْنها فبئس المصيرُ}؛ أي: تكفيهم جهنَّم التي جمعت كلَّ عذابٍ وشقاء عليهم، تحيط بهم ويعذَّبون بها؛ فبئس المصير. وهؤلاء المذكورون إما أناس من المنافقين، يظهِرون الإيمان ويخاطبون الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا الخطاب الذي يوهمون أنَّهم أرادوا به خيراً، وهم كذبةٌ في ذلك، وإما أناسٌ من أهل الكتاب الذين إذا سلَّموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قالوا: السام عليك يا محمد. يعنون: الموت.