ينهى الله المؤمنين عن أمر كان جائزاً بل مشروعاً في الأصل، وهو سبُّ آلهة المشركين التي اتُّخذت أوثاناً وآلهة مع الله، التي يُتَقَرَّب إلى الله بإهانتها وسبها، ولكن لمَّا كان هذا السبُّ طريقاً إلى سبِّ المشركين لربِّ العالمين، الذي يجب تنزيه جنابه العظيم عن كل عيبٍ وآفةٍ وسبٍّ وقدح؛ نهى الله عن سبِّ آلهة المشركين؛ لأنهم يحمون لدينهم ويتعصَّبون له؛ لأن كلَّ أمة زين الله لهم عملهم فرأوه حسناً وذبوا عنه ودافعوا بكل طريق، حتى إنهم يسبُّون الله ربَّ العالمين الذي رسخت عظمتُهُ في قلوب الأبرار والفجار إذا سبَّ المسلمون آلهتهم، ولكن الخلقَ كلَّهم مرجعُهم ومآلُهم إلى الله يوم القيامة، يعرَضون عليه وتعرَضُ أعمالهم، فينبِّئهم بما كانوا يعملون من خيرٍ وشرٍّ. وفي هذه الآية الكريمة دليلٌ للقاعدة الشرعيَّة، وهو أن الوسائل تُعتبر بالأمور التي توصِلُ إليها، وأن وسائل المحرم ـ ولو كانت جائزة ـ تكون محرمةً إذا كانت تفضي إلى الشرِّ.