أي: قلْ يا أيُّها الرسولُ: {أفغير الله أبتغي حَكَماً}: أحاكم إليه وأتقيَّد بأوامره ونواهيه؛ فإن غير الله محكومٌ عليه لا حاكم، وكلُّ تدبير وحكم للمخلوق؛ فإنه مشتمل على النقص والعيب والجور، وإنما الذي يجب أن يُتَّخذ حاكماً؛ فهو الله وحده لا شريك له، الذي له الخلق والأمر {الذي أنزل إليكم الكتاب مفصَّلاً}؛ أي: موضحاً فيه الحلال والحرام والأحكام الشرعية وأصول الدين وفروعه، الذي لا بيان فوقَ بيانِهِ، ولا برهانَ أجلى من برهانه، ولا أحسن منه حكماً، ولا أقوم قيلاً؛ لأنَّ أحكامه مشتملة على الحكمة والرحمة، وأهل الكتب السابقة من اليهود والنصارى يعترفون بذلك و {يعلمونَ أنَّه منزَّلٌ من ربِّك بالحقِّ}: ولهذا تواطأت الإخبارات، {فلا} تَشُكَّنَّ في ذلك ولا {تكوننَّ من الممترين}.