ومَن كان بهذه المثابة؛ فحريٌّ أن يحذِّر اللهُ منه عبادَه ويصفُ لهم أحواله؛ لأنَّ هذا وإن كان خطاباً للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّ أمتَه أسوةٌ له في سائر الأحكام التي ليست من خصائصه، والله تعالى أصدقُ قيلاً وأصدقُ حديثاً، و {هو أعلم بمن يَضِلُّ عن سبيله}، وأعلم بمن يهتدي ويهدي، فيجب عليكم أيُّها المؤمنون أن تتَّبعوا نصائحه وأوامره ونواهيه؛ لأنه أعلم بمصالحكم، وأرحم بكم من أنفسكم. ودلت هذه الآية على أنه لا يستدل على الحقِّ بكثرة أهله، ولا يدلُّ قلةُ السالكين لأمرٍ من الأمور أن يكون غير حقٍّ، بل الواقع بخلاف ذلك؛ فإنَّ أهل الحقِّ هم الأقلون عدداً الأعظمون عند الله قدراً وأجراً، بل الواجب أن يستدلَّ على الحق والباطل بالطرق الموصلة إليه.