يقول تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -:
{قُلْ} لهؤلاء المشركين
[باللهِ] مقرِّراً لهم وملزماً بالتوحيد:
{لِمَن ما في السموات والأرض}؛ أي: من الخالق لذلك المالك له المتصرِّف فيه؟
{قُلْ} لهم:
{لله}، وهم مقرُّون بذلك لا ينكرونه، أفلا حين اعترفوا بانفرادِ الله بالملك والتدبير أن يعترِفوا له ب
الإخلاص والتوحيد؟ وقوله:
{كَتَبَ على نفسه الرحمةَ}؛ أي: العالم العلويُّ والسفليُّ تحت ملكه وتدبيرِهِ، وهو تعالى قد بَسَطَ عليهم رحمته وإحسانه، وتغمَّدهم برحمته وامتنانه، وكتب على نفسه كتاباً: أنَّ رحمته تغلب غضبه، وأن العطاء أحبُّ إليه من المنع، وأن الله قد فتح لجميع العباد أبواب الرحمة إن لم يغلقوا عليهم أبوابها بذُنوبهم، ودعاهم إليها إن لم تمنعهم من طلبها معاصيهم وعيوبهم. وقوله:
{لَيَجْمَعَنَّكم إلى يوم القيامة لا ريبَ فيه}: وهذا قَسَمٌ منه، وهو أصدق المخبرين، وقد أقام على ذلك من الحجج والبراهين ما يجعله حقَّ اليقين، ولكن أبى الظالمون إلا جحوداً، وأنكروا قدرة الله على بعث الخلائِق، فأوضعوا في معاصيه، وتجرَّؤوا على الكفر به، فخسروا دنياهم وأخراهم، ولهذا قال:
{الذين خَسِروا أنفسَهم فهم لا يؤمنونَ}.