{قل}: يا أيها الرسولُ لقومك إذا دعوتَهم إلى الله وبينت لهم مآلهم وما عليهم من حقوقه فامتنعوا من الانقياد لأمرِهِ واتَّبعوا أهواءهم واستمروا على شركهم: {يا قومِ اعملوا على مكانتِكُم}؛ أي: على حالتكم التي أنتم عليها ورضيتموها لأنفسكم، {إني عاملٌ}: على أمر الله ومتبعٌ لمراضي الله: {فسوف تعلمونَ من تكونُ له عاقبةُ الدار}: أنا أو أنتم، وهذا من الإنصاف بموضع عظيم؛ حيث بيَّن الأعمال وعامليها، وجعل الجزاء مقروناً بنظر البصير، ضارباً فيه صفحاً عن التصريح الذي يغني عنه التلويح، وقد علم أن العاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة للمتقين، وأن المؤمنين لهم عُقبى الدار، وأنَّ كلَّ معرض عن ما جاءت به الرسل عاقبته عاقبة سوء وشر، ولهذا قال: {إنه لا يفلحُ الظالمونَ}: فكلُّ ظالم وإن تمتَّع في الدُّنيا بما تمتع به؛ فنهايته فيه الاضمحلال والتلف؛ إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه.