وأما ما أنا عليه من توحيد الله وإخلاص العمل له؛ فإنه هو الحقُّ الذي تقوم عليه البراهين والأدلة القاطعة، وأنا {على بيِّنة من ربي}؛ أي: على يقين مبينٍ بصحته وبطلان ما عداه. وهذه شهادةٌ من الرسول جازمةٌ لا تقبل التردُّد، وهو أعدل الشهود [من الخلق] على الإطلاق، فصدَّق بها المؤمنون، وتبيَّن لهم من صحَّتها وصدقها بحسب ما مَنَّ الله به عليهم، ولكنكم أيها المشركون {كذبتم به}، وهو لا يستحقُّ هذا منكم، ولا يَليقُ به إلاَّ التصديق، وإذا استمررتُم على تكذيبكم؛ فاعلموا أنَّ العذابَ واقعٌ بكم لا محالةَ، وهو عند الله، هو الذي ينزله عليكم إذا شاء وكيف شاء، وإن استعجلتم به؛ فليس بيدي من الأمر شيء، {إن الحُكْمُ إلا للهِ}؛ فكما أنه هو الذي حكم بالحكم الشرعيِّ فأمر ونهى؛ فإنه سيحكم بالحكم الجزائيِّ فيثيب ويعاقب بحسب ما تقتضيه حكمته؛ فالاعتراض على حكمه مطلقاً مدفوع، وقد أوضح السبيل وقصَّ على عباده الحقَّ قصًّا قَطَعَ به معاذيرَهم وانقطعتْ له حُجَّتُهم؛ ليهلِك مَن هَلَكَ عن بيِّنة ويحيا من حيَّ عن بيِّنة. {وهو خيرُ الفاصلينَ}: بين عبادِهِ في الدُّنيا والآخرة، فيفصل بينهم فصلاً يحمدُه عليه حتى من قضى عليه ووجَّه الحق نحوه.