ولما حكم لإبراهيم عليه السلام بما بيَّن به من البراهين القاطعة قال: {وتلكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إبراهيمَ على قومِهِ}؛ أي: علا بها عليهم وفلجهم بها. {نرفعُ درجاتٍ من نشاءُ}: كما رفعنا درجاتِ إبراهيم عليه السلام في الدنيا والآخرة؛ فإنَّ العلم يرفعُ اللهُ به صاحِبَه فوق العباد درجاتٍ، خصوصاً العالم العامل المعلِّم؛ فإنه يجعلُه الله إماماً للناس بحسب حاله، تُرمق أفعالُهُ، وتُقتفى آثارُه، ويُستضاء بنوره، ويُمشى بعلمه في ظلمة ديجوره؛ قال تعالى: {يرفع اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}. {إنَّ ربَّك حكيمٌ عليمٌ}: فلا يضعُ العلم والحكمةَ إلاَّ في المحلِّ اللائق بها، وهو أعلم بذلك المحلِّ، وبما ينبغي له.