ومع ذلك؛ فالمَلَك لو أُنزِل عليهم وأُرْسِل؛ لم يطيقوا التلقِّي عنه ولا احتملوا ذلك ولا أطاقته قُواهم الفانية، فلو {جَعَلْناه ملكاً لجعلناه رجلاً}: لأنَّ الحكمة لا تقتضي سوى ذلك، {ولَلَبَسْنا عليهم ما يَلْبِسونَ}؛ أي: ولكان الأمر مختلطاً عليهم وملبوساً، وذلك بسبب ما لَبَّسوه على أنفسهم؛ فإنهم بَنَوا أمرهم على هذه القاعدة التي فيها اللَّبْس وعدم بيان الحق، فلما جاءهم الحقُّ بطرقه الصحيحة وقواعده التي هي قواعدُه؛ لم يكنْ ذلك هدايةً لهم إذا اهتدى بذلك غيرهم، والذنب ذنبهم؛ حيث أغلقوا على أنفسهم باب الهدى، وفتحوا أبواب الضلال.