هذه الشروط المذكورة في هذه الآية تسمَّى مبايعة النساء، اللاتي كنَّ يبايِعْنَّ على إقامة الواجبات المشتركة التي تجب على الذُّكور والنساء في جميع الأوقات، وأما الرجال؛ فيتفاوتُ ما يلزمُهم بحسب أحوالهم ومراتبهم وما يتعيَّن عليهم، فكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يمتثل ما أمره الله [به]، فكان إذا جاءته النساءُ يبايِعْنَه والتزمن بهذه الشروط؛ بايَعَهُنَّ وجَبَرَ قلوبَهُنَّ، واستغفر لهنَّ الله فيما يحصل منهنَّ من التقصير وأدخلهنَّ في جملة المؤمنين، {على أن لا يُشْرِكنَ بالله شيئاً}: بل يفرِدْنَ الله وحده بالعبادة، {ولا يَقْتُلْنَ أولادهنَّ}: كما يجري لنساء الجاهليَّة الجهلاء، {ولا يَزْنينَ}: كما كان ذلك موجوداً كثيراً في البغايا وذوات الأخدان، {ولا يأتين ببُهتانٍ يفترينَه بين أيديهنَّ وأرجُلهنَّ}: والبهتان الافتراء على الغير؛ أي: لا يفترين بكلِّ حالة، سواءً أتعلَّقت بهنَّ مع أزواجهنَّ أو تعلَّق ذلك بغيرهم، {ولا يَعْصينَكَ في معروفٍ}؛ أي: لا يعصينك في كلِّ أمرٍ تأمرهنَّ به؛ لأنَّ أمرك لا يكون إلاَّ بمعروفٍ، ومن ذلك طاعتهنَّ لك في النهي عن النياحة وشقِّ الجيوب وخمش الوجوه والدُّعاء بدعوى الجاهلية، {فبايِعْهُنَّ}: إذا التزمنَ بجميع ما ذُكِر، {واستَغْفِرْ لهنَّ اللهَ}: عن تقصيرهنَّ وتطييباً لخواطرهنَّ. {إنَّ الله غفورٌ}؛ أي: كثير المغفرة للعاصين والإحسان إلى المذنبين التائبين. {رحيمٌ}: وسعت رحمتُه كلَّ شيءٍ وعمَّ إحسانُه البَرايا.