ولمَّا نزلت هذه الآيات الكريمات المهيِّجةُ على عداوة الكافرين؛ وقعتْ من المؤمنين كلَّ موقع، وقاموا بها أتمَّ القيام، وتَأثَّموا من صِلَةِ بعض أقاربهم المشركين، وظنُّوا أنَّ ذلك داخل فيما نهى الله عنه، فأخبرهم الله أن ذلك لا يدخُلُ في المحرم، فقال: {لا ينهاكُمُ الله عن الذين لم يقاتِلوكم في الدِّينِ ولم يُخْرِجُوكم من دياركُم أن تَبَرُّوهم وتُقْسِطوا إليهم إنَّ الله يحبُّ المقسِطينَ}؛ أي: لا ينهاكم الله عن البرِّ والصِّلة والمكافأة بالمعروف والقسطِ للمشركين من أقاربكم وغيرهم؛ حيث كانوا بحالٍ لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم؛ فليس عليكم جناحٌ أن تَصِلوهم؛ فإنَّ صِلَتَهم في هذه الحالة لا محذورَ فيها ولا تَبِعَةَ ؛ كما قال تعالى في الأبوين الكافرين إذا كان ولدهما مسلماً: {وإن جاهَداك على أن تشرِكَ بي ما ليس لك به علمٌ فلا تُطِعْهما وصاحِبْهما في الدُّنيا معروفاً}.