ثم قال تعالى: {يا أيُّها الذين آمنوا كونوا أنصارَ اللهِ}؛ أي: بالأقوال والأفعال، وذلك بالقيام بدين الله، والحرص على تنفيذه على الغير وجهادِ مَنْ عانده ونابذه بالأبدان والأموال، ومَنْ نَصَرَ الباطلَ بما يزعمُه من العلم، وَرَدَّ الحقَّ بدحض حجَّته وإقامة الحجَّة عليه والتحذير منه، ومن نصرِ دين الله تعلُّم كتاب الله وسنَّة رسوله [وتعليمه] والحثُّ على ذلك والأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكر. ثم هيَّج الله المؤمنين بالاقتداء بمَنْ قبلَهم من الصالحين بقوله: {كما قال عيسى ابنُ مريم للحواريِّينَ مَنْ أنصاري إلى الله}؛ أي: قال لهم منبهاً: من يعاونني ويقوم معي في نصر دين الله ويَدْخُلُ مدخلي ويَخْرُجُ مخرجي؟ فابتدرَ الحواريُّون فقالوا: {نحنُ أنصارُ اللهِ}: فمضى [عيسى] عليه السلام على [أمر اللَّه و] نصرِ دين الله هو ومن معه من الحواريِّين، {فآمنتْ طائفةٌ من بني إسرائيلَ}: بسبب دعوة عيسى والحواريِّين، {وكفرت طائفةٌ}: منهم، فلم ينقادوا لدعوتهم، فجاهد المؤمنونَ الكافرين، {فأيَّدْنا الذين آمنوا على عَدُوِّهِم}؛ أي: قوَّيْناهم ونصرناهم عليهم، {فأصبحوا ظاهرينَ}: عليهم، قاهرين لهم. فأنتم يا أمَّة محمدٍ! كونوا أنصارَ الله ودعاةَ دينه؛ يَنْصُرْكُم الله كما نَصَرَ مَنْ قبلكم، ويُظْهِرْكم على عدوِّكم.