لمَّا ذكر تعالى منَّته على هذه الأمة الذين بَعَثَ فيهم النبيَّ الأميَّ وما خصَّهم الله [به] من المزايا والمناقب التي لا يلحقهم فيها أحدٌ، وهم الأمة الأميَّة، الذين فاقوا الأوَّلين والآخرين، حتى أهل الكتاب الذين يزعمون أنهم العلماء الربانيون والأحبار المتقدِّمون؛ ذكر أن الذين حمَّلهم الله التوراة من اليهود وكذا النصارى وأمرهم أن يتعلَّموها ويعملوا بها فلم يحملوها ولم يقوموا بما حُمِّلوا به؛ أنَّهم لا فضيلة لَهم، وأنَّ مَثَلَهم كمثل الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفاراً من كتب العلم؛ فهل يستفيد ذلك الحمار من تلك الكتب التي فوق ظهره؟! وهل تلحقه فضيلةٌ بسبب ذلك؟! أم حظُّه منها حملها فقط؟ فهذا مَثَلُ علماء أهل الكتاب ، الذين لم يعملوا بما في التوراة الذي من أجلِّه وأعظمه الأمر باتِّباع محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - والبشارة به والإيمان بما جاء به من القرآن؛ فهل استفاد مَن هذا وصفه من التوراة إلاَّ الخيبة والخسران وإقامة الحجَّة عليه؛ فهذا المثل مطابقٌ لأحوالهم. {بئس مَثَلُ القوم الذين كذَّبوا} بآياتنا الدالَّة على صدق رسولنا وصحة ما جاء به {والله لا يَهْدي القوم الظالمين}؛ أي: لا يرشدهم إلى مصالحهم ما دام الظلم لهم وصفاً والعناد لهم نعتاً.