وقوله: {وأنفقوا ممَّا رَزَقْنَاكُم}: يدخلُ في هذه النفقات الواجبة من الزكاة والكفارات ، ونفقة الزوجات والمماليك، ونحو ذلك، والنفقات المستحبَّة؛ كبذل المال في جميع المصالح، وقال: {ممَّا رَزَقْناكم}: ليدلَّ ذلك على أنَّه تعالى لم يكلِّف العباد من النفقة ما يُعْنِتُهُمْ ويشقُّ عليهم، بل أمرهم بإخراج جزءٍ ممَّا رزقهم ويسَّره ويسَّر أسبابه، فليشكروا الذي أعطاهم بمواساة إخوانهم المحتاجين، وليبادروا بذلك، الموت الذي إذا جاء؛ لم يمكن العبد أن يأتي بمثقال ذرَّة من الخير، ولهذا قال: {من قبل أن يأتيَ أحدَكم الموتُ فيقولَ}: متحسراً على ما فَرَّطَ في وقت الإمكان، سائلاً الرجعةَ التي هي محالٌ: {ربِّ لولا أخَّرْتَني إلى أجل قريبٍ}؛ أي: لأتدارك ما فرَّطتُ فيه، {فأصَّدَّقَ}: من مالي ما به أنجو من العذاب، وأستحقُّ [به] جزيل الثواب، {وأكن من الصالحين}: بأداء المأموراتِ كلِّها واجتناب المنهيَّات، ويدخل في هذا الحجُّ وغيره.