{يقولون لئن رَجَعْنا إلى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ}: وذلك في غزوة المريسيع، حين صار بين بعض المهاجرين والأنصار بعض كلام كدَّرَ الخواطر؛ ظهر حينئد نفاقُ المنافقين، وتبيَّن ما في قلوبهم ، وقال كبيرهم عبدُ الله بنُ أبيِّ بنُ سلول: ما مَثَلُنا ومَثَلُ هؤلاء ـ يعني: المهاجرين ـ إلاَّ كما قال القائل: سَمِّنْ كلبك يأكلك. وقال: لئنْ رجَعْنا إلى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ؛ بزعمه أنَّه هو وإخوانه المنافقين الأعزُّون، وأنَّ رسول الله ومن اتَّبعه هم الأذلُّون، والأمر بعكس ما قال هذا المنافق، فلهذا قال تعالى: {ولله العزَّةُ ولرسوله وللمؤمنين}: فهم الأعزَّاء، والمنافقون وإخوانُهم من الكفار هم الأذلاَّء. {ولكنَّ المنافقين لا يعلمون}: ذلك؛ فلذلك زعموا أنَّهم الأعزَّاء اغتراراً بما هم عليه من الباطل.