هذا تحذيرٌ من الله للمؤمنين عن الاغترار بالأزواج والأولاد؛ فإنَّ بعضهم عدوٌّ لكم، والعدوُّ هو الذي يريد لك الشرَّ، فوظيفتُك الحذرُ ممَّن هذه صفته ، والنفس مجبولة على محبّة الأزواج والأولاد، فنصح تعالى عباده أن توجب لهم هذه المحبة الانقياد لمطالب الأزواج والأولاد، التي فيها محذورٌ شرعيٌّ ، ورغَّبهم في امتثال أوامره وتقديم مرضاته بما عنده من الأجر العظيم، المشتمل على المطالب العالية والمحابِّ الغالية، وأن يؤثِروا الآخرة على الدُّنيا الفانية المنقضية. ولما كان النهيُ عن طاعة الأزواج والأولاد فيما هو ضررٌ على العبد والتحذير من ذلك قد يوهِمُ الغِلْظَةَ عليهم وعقابهم؛ أمَرَ تعالى بالحذر منهم والصفح عنهم والعفو؛ فإنَّ في ذلك من المصالح ما لا يمكن حصرُه، فقال: {وإن تَعْفوا وتَصْفَحوا وتَغْفِروا فإنَّ الله غفورٌ رحيمٌ}؛ لأنَّ الجزاء من جنس العمل؛ فمن عفا؛ عفا الله عنه، ومن صَفَحَ؛ صفح [اللَّه] عنه، ومن عامَلَ الله [تعالى] فيما يحبُّ، وعامل عباده بما يحبُّون وينفعهم؛ نال محبَّة الله ومحبَّة عباده واستوسق له أمره.