ولهذا ذكر السبب في هذه العقوبة، فقال: {ذلك}: النكال والوبال الذي أحللناه بهم {بأنَّه كانت تأتيهم رُسُلُهم بالبيناتِ}؛ أي: بالآيات الواضحات الدالَّة على الحقِّ والباطل، فاشمأزُّوا واستكبروا على رسلهم، وقالوا: {أبشرٌ يهدونَنا}؛ أي: ليس لهم فضلٌ علينا؛ ولأيِّ شيءٍ خصَّهم الله دوننا؟! كما قال في الآية الأخرى: {قالتْ لهم رسُلُهم إن نحنُ إلاَّ بشرٌ مثلُكم ولكنَّ الله يمنُّ على مَن يشاءُ من عبادِه}: فهم حجروا فضل الله ومنَّته على أنبيائه أن يكونوا رسلاً للخلق، واستكبروا عن الانقياد لهم، فابْتُلوا بعبادة الأشجار والأحجار ونحوها، {فكفروا} بالله، {وتولَّوا} عن طاعته، {واستغنى الله} عنهم؛ فلا يبالي بهم ولا يضرُّه ضلالهم شيئاً. {والله غنيٌّ حميدٌ}؛ أي: هو الغنيُّ الذي له الغنى التامُّ المطلقُ من جميع الوجوه، الحميد في أقواله وأفعاله وأوصافه.