وقوله: {ومريمَ ابنة عمرانَ التي أحصنتْ فَرْجَها}؛ أي: حفظته وصانته عن الفاحشة؛ لكمال ديانتها وعفَّتها ونزاهتها، {فنَفَخْنا فيه من رُوحنا}: بأن نَفَخَ جبريل عليه السلام في جيب دِرْعها، فوصلت نفخته إلى مريم، فجاء منها عيسى عليه السلام الرسول الكريم والسيد العظيم، {وصَدَّقَتْ بكلماتِ ربِّها وكتبِهِ}: وهذا وصفٌ لها بالعلم والمعرفة؛ فإنَّ التصديق بكلمات الله يشمل كلماتِهِ الدينيَّة والقدريَّة، والتصديق بكتبه يقتضي معرفة ما به يحصلُ التَّصديق، ولا يكون ذلك إلاَّ بالعلم والعمل، ولهذا قال: {وكانت من القانتينَ}؛ أي: المداومين على طاعة الله بخشيةٍ وخشوعٍ. وهذا وصفٌ لها بكمال العمل؛ فإنَّها رضي الله عنها صدِّيقةٌ. والصدِّيقيَّة هي كمال العلم والعمل.