ومن قولهم: إنَّهم على هدى والرسول على ضلالٍ؛ أعادوا في ذلك وأبدوا، وجادلوا عليه وقاتلوا، فأمر الله نبيَّه أن يُخْبِرَ عن حاله وحال أتباعه ما به يتبيَّن لكلِّ أحدٍ هداهم وتقواهم، وهو أنْ يقولوا: {آمنَّا به وعليه تَوَكَّلْنا}: والإيمانُ يشملُ التصديق الباطن والأعمال الباطنة والظاهرة، ولمَّا كانت الأعمالُ وجودُها وكمالُها متوقفة على التوكُّل؛ خصَّ الله التوكُّل من بين سائر الأعمال، وإلاَّ؛ فهو داخلٌ في الإيمان، ومن جملة لوازمه؛ كما قال تعالى: {وعلى الله فتوكَّلوا إن كُنتُم مؤمنينَ}؛ فإذا كانت هذه حال الرسول وحال مَن اتَّبعه، وهي الحال التي تتعيَّن للفلاح وتتوقَّف عليها السعادة، وحالة أعدائه بضدِّها؛ فلا إيمان لهم ولا توكُّل؛ عُلِمَ بذلك مَن هو على هدىً ومن هو في ضلال مبينٍ.