يخبر تعالى بما أعدَّه للمتَّقين للكُفْرِ والمعاصي، من أنواع النعيم والعيش السليم في جوار أكرم الأكرمين، وأنَّ حكمته تعالى لا تقتضي أن يجعل المتَّقين القانتين لربِّهم، المنقادين لأوامره، المتَّبِعين مراضِيَه، كالمجرمين الذين أوضَعوا في معاصيه والكفر بآياتِهِ ومعاندةِ رسلِهِ ومحاربة أوليائِهِ، وأنَّ من ظنَّ أنَّه يسوِّيهم في الثواب؛ فإنَّه قد أساء الحكم، وأنَّ حكمه [حكمٌ] باطلٌ ورأيه فاسدٌ، وأن المجرمين إذا ادَّعوا ذلك؛ فليس لهم مستندٌ، لا كتابٌ فيه يدرسون ويتلون أنَّهم من أهل الجنة، وأنَّ لهم ما طلبوا وتخيَّروا، وليس لهم عند الله عهدٌ ويمينٌ بالغةٌ إلى يوم القيامةِ أنَّ لهم ما يحكمون، وليس لهم شركاءُ وأعوانٌ على إدراك ما طلبوا؛ فإنْ كان لهم شركاءُ وأعوانٌ؛ فليأتوا بهم إن كانوا صادقين. ومن المعلوم أنَّ جميع ذلك منتفٍ؛ فليس لهم كتابٌ ولا لهم عهدٌ عند الله في النجاة ولا لهم شركاءُ يعينونَهم، فعُلِمَ أنَّ دعواهم باطلةٌ فاسدةٌ. وقوله: {سَلْهُم أيُّهم بذلك زعيمٌ}؛ أي: أيُّهم الكفيل بهذه الدعوى التي تَبَيَّنَ بطلانها؛ فإنَّه لا يمكن أحداً أن يتصدَّر بها ولا يكون زعيماً فيها.