أي: إذا كان يوم القيامة، وانكشفَ فيه من القلاقل والزلازل والأهوال ما لا يدخُلُ تحت الوهم، وأتى الباري لفصل القضاءِ بين عباده ومجازاتهم، فكشف عن ساقه الكريمة التي لا يشبِهُها شيءٌ، ورأى الخلائقُ من جلال الله وعظمته ما لا يمكن التعبير عنه؛ فحينئذٍ
{يُدْعَوْنَ إلى السجود}: لله، فيسجد المؤمنون الذين كانوا يسجُدون لله طوعاً واختياراً، ويذهب الفجَّارُ
المنافقون ليسجدوا؛ فلا يقدرون على السجود، وتكون ظهورهم كصياصِي البقرِ؛ لا يستطيعون الانحناء، وهذا الجزاء من جنس عملهم؛ فإنَّهم كانوا يُدْعَوْنَ في الدُّنيا إلى السجود لله وتوحيده وعبادته وهم سالمون لا علَّة فيهم؛ فيستكبرون عن ذلك، ويأبَوْن؛ فلا تسأل يومئذٍ عن حالهم وسوء مآلهم؛ فإنَّ الله قد سَخِطَ عليهم، وحقَّت عليهم كلمة العذاب، وتقطَّعت أسبابهم، ولم تنفعهم الندامة والاعتذار يوم القيامة؛ ففي هذا ما يزعِجُ القلوب عن المقام على المعاصي ويوجب التدارك مدة الإمكان.