فقال لهم {فرعونُ} متهدِّداً لهم على الإيمان: {آمنتُم به قبل أن آذنَ لكم}: كان الخبيث حاكماً مستبداً على الأبدان والأقوال، قد تقرَّر عنده وعندهم أن قوله هو المطاع وأمره نافذٌ فيهم ولا خروج لأحدٍ عن قوله وحكمه، وبهذه الحالة تنحطُّ الأمم وتضعف عقولها ونفوذها وتعجز عن المدافعة عن حقوقها، ولهذا قال الله عنه: {فاستخفَّ قومَه فأطاعوه}، وقال هنا: {آمنتُم به قبلَ أن آذنَ لكم}؛ أي: فهذا سوءُ أدبٍ منكم وتجرُّؤ عليَّ، ثم موَّه على قومه وقال: {إنَّ هذا لَمَكرٌ مكرتُموه في المدينة لتُخْرِجوا منها أهلها}؛ أي: إن موسى كبيركم الذي علَّمكم السحر، فتواطأتم أنتم وهو على أن تنغلِبوا له فيظهرَ فتتَّبعونه ثم يتَّبعكم الناس أو جمهورهم، فتُخْرِجوا منها أهلها، وهذا كذب يعلم هو ومن سبر الأحوال أن موسى عليه الصلاة والسلام لم يجتمع بأحدٍ منهم، وأنهم جُمِعوا على نظر فرعون ورسله، وأن ما جاء به موسى آية إلهيَّة، وأن السحرة قد بذلوا مجهودهم في مغالبة موسى حتى عجزوا وتبيَّن لهم الحق فاتبعوه. ثم توعَّدهم فرعون بقوله: فلسوف {تعلمونَ}: ما أحِلُّ بكم من العقوبة.