فلما ذكَّرهم موسى ووعظهم؛ انتَهَوْا عن ذلك، ولما أتمَّ الله نعمته عليهم بالنجاة من عدوهم وتمكينهم في الأرض؛ أرادَ تبارك وتعالى أن يُتِمَّ نعمته عليهم بإنزال الكتاب الذي فيه الأحكام الشرعيَّة والعقائد المرضيَّة، فواعد موسى ثلاثين ليلة، وأتمَّها بعشر، فصارت أربعين ليلة؛ ليستعدَّ موسى ويتهيَّأ لوعد الله ويكون لنزولها موقع كبير لديهم وتشوق إلى إنزالها، ولما ذهب موسى إلى ميقات ربِّه، قال لهارون موصياً له على بني إسرائيل من حرصه عليهم وشفقته: {اخْلُفْني في قَوْمي}؛ أي: كنْ خليفتي فيهم، واعمل فيهم بما كنت أعمل، {وأصلِحْ}؛ أي: اتَّبع طريق الصلاح، {ولا تتَّبِعْ سبيلَ المفسدين}: وهم الذين يعملون بالمعاصي.