{ولما رجع موسى إلى قومِهِ غضبان أسِفاً}؛ أي: ممتلئاً غضباً وغيظاً عليهم لتمام غيرته عليه [الصلاة و] السلام وكمال نصحه وشفقته، {قال بئسَما خَلَفْتُموني من بعدي}؛ أي: بئس الحالة التي خلفتموني بها من بعد ذهابي عنكم؛ فإنها حالةٌ تفضي إلى الهلاك الأبدي والشقاء السرمديِّ. {أعَجِلْتُم أمرَ ربِّكُم}: حيث وَعَدَكم بإنزال الكتاب فبادرتُم برأيكم الفاسد إلى هذه الخصلة القبيحة، {وألقى الألواحَ}؛ أي: رماها من الغضب، {وأخذ برأس أخيه}: هارونَ ولحيتِهِ، {يجرُّه إليه}: وقال له: {ما منعك إذ رأيتَهم ضلُّوا. أن لا تتَّبِعَني أفعصيتَ أمري}: لك بقولي: {اخلُفْني في قومي وأصْلِحْ ولا تتَّبِعْ سبيل المفسدين}؟! فقال: {يا ابنَ أمَّ لا تأخُذْ بلحيتي ولا برأسي إني خشيتُ أن تقولَ فرَّقْتَ بين بني إسرائيل ولم ترقُبْ قولي} و {قال} هنا: {ابنَ أمَّ}: هذا ترقيقٌ لأخيه بذكر الأمِّ وحدها، وإلاَّ فهو شقيقه لأمِّه وأبيه. {إنَّ القوم استضعفوني}؛ أي: احتقروني حين قلتُ لهم: يا قوم! إنما فُتِنْتُم به، وإنَّ ربَّكم الرحمن؛ فاتَّبِعوني وأطيعوا أمري، {وكادوا يَقْتُلونَني}؛ أي: فلا تظنَّ بي تقصيراً، {فلا تُشْمِتْ بيَ الأعداء}: بنهرِك لي ومسِّك إيَّايَ بسوءٍ فإنَّ الأعداء حريصون على أن يجدوا عليَّ عثرةً أو يطَّلعوا لي على زَلَّة، {ولا تجعلني مع القوم الظالمين}: فتعامِلُني معاملتهم.