فتحيلوا على الصيد، فكانوا يحفرون لها حفراً، وينصبون لها الشباك؛ فإذا جاءت يوم السبت ووقعت في تلك الحفر والشِّباك؛ لم يأخذوها في ذلك اليوم؛ فإذا جاء يوم الأحد؛ أخذوها، وكثر فيهم ذلك، وانقسموا ثلاث فرق: معظمهم اعتَدَوا وتجرَّؤوا وأعلنوا بذلك. وفرقةٌ أعلنت بنهيهم والإنكار عليهم. وفرقةٌ اكتفتْ بإنكار أولئك عليهم ونهيهم لهم وقالوا: {لم تَعِظونَ قوماً اللهُ مهلِكُهم أو معذِّبهم عذاباً شديداً}: كأنَّهم يقولون: لا فائدة في وعظ مَن اقتحم محارم الله ولم يُصْغِ للنصيح بل استمرَّ على اعتدائه وطغيانه؛ فإنه لا بد أن يعاقبهم الله إما بهلاك أو عذاب شديد. فقال الواعظون: نعظهم وننهاهم {معذرةً إلى ربِّكم}؛ أي: لنُعْذَرَ فيهم، {ولعلَّهم يتَّقون}؛ أي: يتركون ما هم فيه من المعصية؛ فلا نيأس من هدايتهم؛ فربَّما نجع فيهم الوعظ وأثر فيهم اللوم، وهذا المقصود الأعظم من إنكار المنكر؛ ليكون معذرة وإقامة حجةٍ على المأمور المنهي، ولعل الله أن يهديه فيعمل بمقتضى ذلك الأمر والنهي.