{ثمَّ لآتِيَنَّهُم مِنْ بينِ أيديهم ومن خلفِهم وعن أيمانِهِم وعن شمائِلِهم}؛ أي: من جميع الجهات والجوانب، ومن كل طريق يتمكن فيه من إدراك بعض مقصوده فيهم، ولما علم الخبيثُ أنهم ضعفاء قد تغلب الغفلةُ على كثير منهم، وكان جازماً ببذل مجهوده على إغوائهم؛ ظنَّ ـ وصدق ظنُّه ـ فقال: {ولا تجدُ أكثرَهُم شاكرينَ}: فإنَّ القيام بالشكر من سلوك الصراط المستقيم، وهو يريدُ صدَّهم عنه وعدم قيامهم به؛ قال تعالى: {إنَّما يَدْعو حِزْبَه ليكونوا من أصحابِ السَّعير}، وإنما نَبَّهَنا الله على ما قال، وعزم على فعله، لنأخذَ منه حِذْرَنا، ونستعدَّ لعدوِّنا، ونحترزَ منه بعلْمِنا بالطُرُق التي يأتي منها ومداخله التي ينفذ منها؛ فله تعالى علينا بذلك أكمل نعمة.