وإنما العقلاءُ حقيقة من وصفهم الله بقوله: {والذين يمسِّكونَ بالكتاب}؛ أي: يتمسَّكون به علماً وعملاً، فيعلمون ما فيه من الأحكام والأخبار التي علمها أشرف العلوم، ويعملون بما فيها من الأوامر التي هي قرة العيون وسرور القلوب وأفراح الأرواح وصلاح الدنيا والآخرة. ومن أعظم ما يجب التمسُّك به من المأمورات إقامة الصلاة ظاهراً وباطناً، ولهذا خصها بالذِّكر لفضلها وشرفها وكونها ميزان الإيمان وإقامتها داعيةٌ لإقامة غيرها من العبادات. ولما كان عملهم كلُّه إصلاحاً؛ قال تعالى: {إنَّا لا نُضيعَ أجر المصلحين}: في أقوالهم وأعمالهم ونيَّاتهم، مصلحين لأنفسهم ولغيرهم. وهذه الآية وما أشبهها دلَّت على أنَّ الله بعث رسله عليهم الصلاة والسلام بالصلاح لا بالفساد، وبالمنافع لا بالمضار، وأنَّهم بُعِثوا بصلاح الدارين؛ فكلُّ مَن كان أصلح؛ كان أقرب إلى اتِّباعهم.