هذا الأمر عامٌّ في كلِّ من سمع كتاب الله يتلى؛ فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات، والفرق بين الاستماع والإنصات أن الإنصات في الظاهر بترك التحدُّث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه، وأما الاستماع له؛ فهو أن يُلْقِيَ سَمْعَه ويحضِرَ قلبَه ويتدبَّر ما يستمع؛ فإنَّ من لازم على هذين الأمرين حين يُتلى كتاب الله؛ فإنه ينال خيراً كثيراً وعلماً غزيراً وإيماناً مستمرًّا متجدداً وهدىً متزايداً وبصيرةً في دينه، ولهذا رتَّب الله حصول الرحمة عليهما، فدلَّ ذلك على أن مَنْ تُلي عليه الكتاب فلم يستمع له وينصت أنه محروم الحظ من الرحمة، قد فاته خيرٌ كثير. ومن أوكدِ ما يؤمر
[به] مستمع القرآن أن يستمعَ له وينصتَ في الصلاة الجهرية إذا قرأ إمامُهُ؛ فإنَّه مأمورٌ بالإنصات حتى إنَّ أكثر العلماء يقولون: إنَّ اشتغاله بالإنصات أولى من قراءته
الفاتحة وغيرها.