فحينئذٍ مَنَّ الله عليهما بالتوبة وقَبولها، فاعترفا بالذنب، وسألا من الله مغفرتَه، فقالا: {ربَّنا ظَلمْنا أنفُسَنا وإن لم تغفرْ لنا وترحَمْنا لَنَكونَنَّ من الخاسرينَ}؛ أي: قد فعلنا الذنب الذي نبَّهتنا عنه وأضررنا بأنفسنا باقتراف الذنب، وقد فعلنا سببَ الخسار إن لم تغفرْ لنا بمحو أثر الذنب وعقوبته وترحَمْنا بقَبول التوبة والمعافاة من أمثال هذه الخطايا، فغفر الله لهما ذلك، وعصى آدمُ ربَّه فغوى. ثم اجتباه ربُّه فتاب عليه وهَدَى. هذا وإبليس مستمرٌّ على طغيانِهِ، غير مقلع من عصيانه؛ فمن أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع إذا صدرت منه الذُّنوب؛ اجتباهُ ربُّه وهداه، ومن أشبهَ إبليس إذا صدر منه الذنبُ لا يزالُ يزدادُ من المعاصي؛ فإنه لا يزداد من الله إلا بعداً.