ثم امتنَّ عليهم بما يسَّر لهم من اللباس الضروري واللباس الذي المقصود منه الجمال، وهكذا سائر الأشياء كالطعام والشراب والمراكب والمناكح، ونحوها قد يسر الله للعباد ضروريَّها ومكمِّل ذلك، وبيَّن لهم أن هذا ليس مقصوداً بالذات، وإنَّما أنزله الله ليكون معونةً لهم على عبادته وطاعته، ولهذا قال: {ولباسُ التَّقوى ذلك خيرٌ}: من اللباس الحسيِّ؛ فإن لباس التقوى يستمرُّ مع العبد ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح، وأما اللباس الظاهريُّ؛ فغايتُه أن يستُر العورة الظاهرة في وقت من الأوقات، أو يكون جمالاً للإنسان، وليس وراء ذلك منه نفع. وأيضاً؛ فبتقدير عدم هذا اللباس تنكشف عورتُهُ الظاهرةُ التي لا يضرُّه كشفُها مع الضرورة، وأما بتقدير عدم لباس التقوى؛ فإنها تنكشف عورته الباطنة، وينال الخزيَ والفضيحة. وقوله: {ذلك من آيات الله لعلَّهم يذَّكَّرونَ}؛ أي: ذلك المذكور لكم من اللباس مما تذكرون به ما ينفعُكم، ويضرُّكم، وتستعينون باللباس الظاهر على الباطن.