فرد
نوح عليهم رَدًّا لطيفاً وترقَّق لهم لعلهم ينقادون له، فقال:
{يا قوم ليس بي ضلالةٌ}؛ أي: لست ضالاًّ في مسألة من المسائل من جميع الوجوه، وإنما أنا هادٍ مهتدٍ، بل هدايتُهُ عليه الصلاة والسلام من جنس هداية إخوانِهِ أولي العزم من المرسلين، أعلى أنواع الهدايات وأكملها وأتمها، وهي هداية الرسالة التامَّة الكاملة، ولهذا قال:
{ولكنِّي رسولٌ من ربِّ العالمينَ}؛ أي: ربي وربكم ورب جميع الخلق، الذي ربَّى جميع الخلق بأنواع التربية، الذي من أعظم تربيته أن أرسل إلى عباده رسلاً تأمرهم بالأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة والعقائد الحسنة، وتنهاهم عن أضدادها، ولهذا قال:
{أبلِّغُكم رسالاتِ ربِّي وأنصحُ لكم}؛ أي: وظيفتي تبليغكم ببيان توحيده وأوامره ونواهيه على وجه النصيحة لكم والشفقة عليكم،
{وأعلمُ من اللهِ مالا تعلمونَ}: فالذي يتعيَّن أن تطيعوني وتنقادوا لأمري إن كنتم تعلمونَ.