فلم يستجيبوا ولا انقادوا، فقال {الملأُ الذين كفروا من قومِهِ}: رادِّين لدعوته قادحين في رأيه: {إنا لنراك في سَفاهةٍ وإنا لنظنُّك من الكاذبين}؛ أي: ما نراك إلاَّ سفيهاً غير رشيد، ويغلب على ظنِّنا أنك من جملة الكاذبين. وقد انقلبت عليهم الحقيقةُ واستحكم عماهم حيث رموا نبيَّهم عليه السلام بما هم متَّصفون به، وهو أبعدُ الناس عنه؛ فإنهم السفهاء حقًّا الكاذبون، وأيُّ سفهٍ أعظم ممَّن قابل أحقَّ الحقِّ بالردِّ والإنكار، وتكبَّر عن الانقياد للمرشدين والنصحاء، وانقاد قلبُهُ وقالبه لكلِّ شيطان مريدٍ، ووضع العبادة في غير موضعها، فعَبَدَ من لا يغني عنه شيئاً من الأشجار والأحجار؟! وأيُّ كذب أبلغ من كذب من نسب هذه الأمور إلى الله تعالى؟!