ولهذا فتح الله بين الفريقين فقال: {فأنجَيْناه}؛ أي: هوداً، {والذين} آمنوا معه {برحمةٍ منا}: فإنه الذي هداهم للإيمان، وجعل إيمانهم سبباً ينالون به رحمته، فأنجاهم برحمته، {وقطَعْنا دابر الذين كذَّبوا بآياتنا}؛ أي: استأصلناهم بالعذاب الشديد الذي لم يُبْق منهم أحداً، وسَلَّطَ الله عليهم {الريح العقيم. ما تَذَرُ من شيءٍ أتت عليه إلا جعلته كالرَّميم}، {فأهْلِكوا فأصبحوا لا يُرى إلاَّ مساكِنُهم فانْظُرْ كيف كان عاقبةُ المنذَرين}، الذين أقيمت عليهم الحُجج فلم ينقادوا لها، وأمِروا بالإيمان فلم يؤمنوا، فكان عاقِبَتُهم الهلاك والخزي والفضيحة، {وأُتْبِعوا في هذه الدُّنيا لعنةً ويومَ القيامةِ. ألا إنَّ عاداً كَفَروا ربَّهم ألا بُعْداً لعادٍ قوم هود}. وقال هنا: {وقَطَعْنا دابرَ الذين كذَّبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنينَ}: بوجهٍ من الوجوه، بل وَصْفُهمُ التكذيب والعناد، ونعتُهُم الكِبْر والفساد.